
آخر الأخبار تقول أن حالة من الهلع والاستنفار تسيطر على إنكشارية مصراته المضرّجة أيديهم بدماء الليبيين.. ولعلّ مساعي الضغوط التي مارسُوها هم وحلفاؤهم على تونس خلال الأيام الماضية لغرض فتح خطوط جوية بين مصراته وتونس، وامعيتيقه وتونس، أيضا، كانت في جانب منها تعكس حالة الهلع من إمكانية انقلاب الأمور وحدوث أبعد الاحتمالات الممكنة، وهو مهاجمتهم في جحورهم، وفي أعشاش الإجرام التي حصّنوها على مدى ثلاثة أعوام وجلبوا إليها المرتزقة من كل بقاع الدنيا، والسلاح من كل أنحاء ليبيا..
لقد اكتشف الجماعة أن لا المرتزقة يستطيعون حمايتهم ولا السلاح سيجد من يستخدمه، لأنهم قد اعتادوا على أن يتولّى الغير كافّة أمورهم.. وحتى من حملوا السلاح منهم فقد حملوه ضدّ العزّل والعوائل والجرحى.. واكتشفوا كذلك أن الأمور أصبحت اكثر جدية مما كانوا يتوقّعون بعد أن صاروا في مرمى أسلحة الجيش من جهة، وتحت طائلة تهديد الدواعش بمهاجمتهم في مدينتهم بالذات..
..خلال أقل من يومين، فقد الحلف المصراتي الإخواني "قائدا ميدانيا" وهو صلاح البُركي، و"وزيرا" وهو المسمى "زهير زين العابدين"، وزير سياحة بوسهمين!! وهذا ما يفسّر تدفّق أعداد كبيرة من عائلات أمراء عصابات فجر ليبيا وشروقها ودروعها نحو تونس خشية الانتقام.. وإذا كانوا يضمنون أن أبناء الجيش الليبي لن ينحدروا بأي حال من الأحوال إلى مستوى ما ارتكبه المجرمون من فظاعات، وأن انتقامهم لن يكون إلا في الحدود القانونية والأخلاقية اللائقة، فإنهم لا يضمنون سلوك الدواعش المشابه لسلوكهم.. فالدواعش لا يحرقون الرجال ويذبّحونهم فحسب، لكنّهم يأخذون عوائل ونساء أعدائهم سبايا "حلالا".. ولأن من يرتكب الجُرم لا ينام إلا على كوابيس الانتقام، فإن مجرمي مصراته يتذكّرون ولا شكّ ما ارتكبوه في حقّ حرائر ليبيا وحتى في حقّ رجالها.. فقد اغتصبوا وهجّروا وعذّبوا وقطّعوا الأثداء ونكّلوا بشرف آلاف الليبيات العفيفات ليس بمصراته فحسب، بل في طرابلس وغيرها.. ويا قاتل الروح وين تروح.
المعارك تدور اليوم على جبهات عدّة.. جبهة سياسية ضدّ الضغوط القوية في حوار الرباط.. وجبهات عسكرية بأكثر من مدينة ومحور.. وجبهة اجتماعية تتمثّل في لقاء القبائل التي اجتمعت اليوم بطبرق لدعم تحرّك الجيش وإعلانها رفض الإرهاب الداعشي والإخواني على حدّ سواء.. وإذا كانت هناك من كلمة سرّ لكسب المواجهة الشاملة التي تخوضها ليبيا ضدّ "محتلّيها" فهي المحافظة على "تلازم المسارات" دون السّماح بتأثّير أي مسار متعثّر على باقي المسارات..
على ذكر المسارات.. على اللّيبيّين عدم التّدخّل بالصراع المصراتي الإخواني-الدّاعشي، وليتركوهم كي ينهي كلّ منهم الآخر.. وللحديث بقية.