لا موعد لعقد الملتقى العام.. أما الانتخابات، فهي مجرد أمنية..
يعلم الليبيون جميعا أن تحقق كافة الشروط المثالية لانعقاد هذين الاستحقاقين تعني عدم الحاجة إلى مخارج سلامه وبعثته.. وعدم الحاجة إلى خارطة طريق فوقية أو مفروضة.. ويعلم الليبيون وغير الليبيين أن منتهى منى الليبيين هو المضي في تنفيذ المسار بسلمية وبالحدّ الأدنى من الشروط المطلوبة في ضوء وعي كافة الناس بضرورة وضع القطار على السكة والمساعدة التدريجية والجماعية لإنجاح الانتقال نحو الظروف الملائمة والمثالية..
لكن الجديد في خطاب المبعوث الأممي غسان سلامة خلال الأيام الأخيرة صار يتّسم بالتسويف والمماطلة سواء في ما يتعلق بموعد وظروف انعقاد الملتقى الجامع، أو بتنظيم الانتخابات.. ففي آخر إطلالاته منذ أقل من ساعة على "قناة ليبيا روحها الوطن"، تحدث الرجل بكثير من التأثر عن رغبته الشديدة في الإسراع بتنظيم كلا الاستحقاقين، لكنه لم يقنع أحدا في ما ذهب إليه بشأن الاشتراطات اللازمة لنجاح التنظيم حسب قوله..
وإذا كان شرط توفر الأمن لتنظيم أي استحقاق في عمومه مسألة مبدئية في الحدّ الأدنى على الأقل لكن من العبث بمكان، ومن التضخيم والمبالغة بمكان أن يحلم السيد سلامة أو غيره بوضع أمني مثالي.. السيد سلامهيعرف "البئر وغطاءه".. ويعلم تفاصيل الترتيبات الأمنية وهوية أطرافها وظروف تمريرها.. فكيف يشترط بنفسه نزع السلاح وفرض احتكاره للجهات الرسمية المنبثقة عن الصخيرات؟ وهل هذه هي الصيغة الوحيدة لتأمين الاستحقاقات؟ وأين دور المجتمع الدولي؟ وأين دور الجوار الذي يذرعه غسان سلامة جيئة وذهابا مرارا وتكرارا؟
هنالك شبه إجماع متحقق في هذه الآونة حول اعتبار مهمة السيد سلامة قد انتقلت من التيسير إلى التعسير.. ومن الوساطة والتسهيل، إلى الاشتراط والتعجيز.. السيد سلامة يبدو كأنه أحد الفرقاء،، أو أحد الخصوم.. إنه يتحول إلى مشكلة شيئا فشيئا،، ولا يبدو البتّة جزءا من الحلّ في هذه المرحلة على الأقل..
التفسير المنطقي لهذا التحوّل في نظري لا يمكن أن يكون وليد تأثيرات من الداخل الليبي إنما هي ضغوط ومصالح الخارج وأشراطٌ يريدونها لم تتحقق بعد سواء بتصفية أطراف، أو تقديم أطراف إلى صدارة المشهد، أو استكمال تأهيل أطراف أخرى أو إعادة تأهيلها.. أسبابُومسبّبات التسويف الذي ينتهجه السيد سلامه –الممسك تماما بخيوط اللعبة في علاقاته مع الداخل- هو التزاماته مع الخارج.. أما سبب خروج هذا السلوك بهذا الشكل إلى العلن في هذا الوقت بالذات،، فهو النضج المطرد لظروف انعقاد الاستحقاقات.. نضجٌ يبدو السيد سلامة غير مرتاح له،، ويصرّ على إنكاره رغم أن هذا يعني فشل تحضيراته والعشرات من اجتماعاته التي دارت داخل مدن ليبيا وخارجها..
غسان سلامة يحول إلى جزء من المشكلة.. وصار يتعين على الليبيين "ترضيته" قبل أن يجتمعوا أو ينتخبوا أو يتصالحوا.. وللحديث بقية.