مقالات الدليل مقالات الدليل
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

صراع أجندات الخفي بين دول الجوار الليبي.. وخطأ التّعويل على الطرف الجزائري في حلّ المشكلة الليبية &بقلم Muhammed alamine

محمد لامين 
مثّل التسجيل المسرّب لوقائع اجتماع أمني سوداني رفيع المستوى، والذي انتشر عبر الإعلام يوم أمس الأوّل، دليلا إضافيا عمّا كان يجري تداوله في كثير من الأوساط حول تورّط حكومة عمر البشير في تسليح وإمداد الحلف المصراتي الإخواني أو "فجِّر ليبيا". وخلفيات هذا التورّط السوداني متنوعة ومتشابكة تشابك النزاع الليبي المحتدم.. فمنها الإيديولوجي المتعلّق بالعقيدة الإخوانية، ومنها السياسوي المتعلق بارتباط الخرطوم بالمحور القطري التركي الإخواني وسعي البشير إلى إنقاذ نفسه من مخاطر التتبّع القضائي بسبب ملفّه الجنائي، ومنها الجيوسياسي الذي يتّصل بالخصوص بمحاولة ابتزاز مصر في الملف الحدودي المصري-السوداني، وتحجيم الدور الذي تطمح إلى لعبه بليبيا.

هذه المعطيات تضرب ولا شكّ ما حاول نظام البشير تسويقه على أنه مبادرة للحوار، التي يكشف التسريب موضوع الحال أنها كانت مجرّد محاولة لكسب الوقت وتلميع فجر ليبيا، وطُعم ابتلعته حكومة الثني وجرَتْ وراءه بسذاجة لا تفسير لها.

على الجانب الآخر.. وبعد أيام قليلة من زيارة أردوغان، بلغتنا أنباء استقبال الجزائريين لــ"دهقان الإخوان" وسفير قطر في ليبيا علي الصلابي، العنصر الإخواني الأخطر والأدهى على الإطلاق.. ليس لمجرّد عضويته في "اتحاد علماء مسلمي قطر"، فحسب، بل لكونه من المقرّبين لفجر ليبيا وعبد الحكيم بلحاج وتنظيم أنصار الشريعة الذي يحتلّ فيه شقيقه اسماعيل منصبا قياديا !!

ما زالت الخارجية الجزائرية تطالعنا بكل ما يحيّر ويثير العجب.. لكن أمام ما نتابعه من إصرار جزائري على ترضية الإخوان ممثّلين بجماعة فجر ليبيا، ومجاملتهم على نحو مثير للشكوك على حساب مكوّنات المشهد الليبي الحالي المرشّحة للمشاركة في الحوار "العجيب" الذي لا أعتقد أنه سيرى النّور في قادم الأسابيع والأشهر على الأقل بسبب تغيّر المعادلة الميدانية وتصاعد مسار الحسم في الداخل.. أمام ما نراه من "تجميد" جزائري لخطوط الاتصال و"خفض لوتيرة" تقدّم المسار الحواري الذي أصبح مرهونا بالمزاج الجزائري وظروفه السياسية الداخلية.. أمام كلّ هذا.. وكي لا نكون شياطين خرساء نرى الحقّ ونكتمه أو نخفيه.. فإنني أرى لزاما عليّ الإشارة إلى نقاط أزعم أنها مقاربة للحقيقة إن لم تكن الحقيقة ذاتها.. وأنها تعكس واقع حال السلوك الجزائري إزاء الأزمة الليبية، ومستقبل البلد، ومساعي الحلّ في ليبيا..
1- تصاعد الحديث عن وجود تحفظات جزائرية على دور مصري في النزاع الليبي ومساعي الحلّ وعدم نفي الجزائريين ذلك، يفسّر بوضوح بواعث سلوكهم من تجميد الملفّ الليبي حينا وإخراجه إلى العلن حينا آخر، في إشارة إلى تحكّمهم به واحتكارهم لكلّ ما يتعلق به.

2- محاولات مجاملة الإخوان وفجر ليبيا بالذات تنطلق من حسابات جزائرية تتعلق بإمكانية تقسيم ليبيا إلى دولتين بشكل يجعل قيام دولة إخوانية إلى جوارها مسألة واردة تجعلها تتعامل مع احتمال قيامها على نحو جدي..

3- يبدو أن الجزائر قد تلقّت رسائل فرنسية مشفّرة انطلاقا من أنشطة باريس الاستخبارية والعسكرية بالجنوب الليبي تؤكد نوايا حقيقية لتقسيم ليبيا.. وربّما كان الدور الجزائري لإنجاح هذا المخطط يتمثل في تجميد الحوار وعرقلة الحلّ على نحو يجعل التعايش مستحيلا بين أطراف النزاع بعد أن تمت ترجمته على الأرض بحكومتين وبرلمانين في الشرق والغرب.


4- لا تبدو الجزائر متحمسة كثيرا للحوار أو للحلّ بين الليبيين لاعتبارات اقتصادية ومصلحيّة بالأساس.. فمن مصلحتها تحييد نفط وغاز ليبيا عن المعادلة الاقتصادية الدولية والإقليمية خلال فصل الشتاء الحالي بالخصوص.. وإذا ما علمنا بالصدمة الجزائرية القوية جرّاء قرار أوبك الأسبوع الماضي الإبقاء على مستوى انتاج الخام، رغم رفض الجزائر ذلك، فإننا ندرك أن آخر ما يتمناه القائمون على سياسات تصدير مواد الطاقة الجزائرية هو تعافي قطاعي النفط والغاز بليبيا.

5- بطء إيقاع السياسة الخارجية الجزائرية وكسلها وتردّدها لاعتبارات تتعلق بصحة الرئيس والصراع المحتدم بين أجنحة النظام يجعل من الملف الليبي مجال صراع خفيّ بين الفرقاء السياسيين بسبب تباين المواقف وتقدير المصالح.


6- عدم تعافي ليبيا سياسيا وأمنيا والذهاب إلى حلّ الدولتين قد يقبُرُ مسألة ترسيم الحدود ويضعف الموقف الليبي في أية مفاوضات مستقبلية بخصوصها، وهذا ما يأمله الطرف الجزائري الطامع كغيره في نيل نصيب من الكعكة الليبية في مناطق حدودية تشير كثير من المصادر إلى وجود احتياطيات نفطية ضخمة في باطنها.

7- االتحديات التي تواجه الجزائر على حدودها مع تونس، ومع النيجر، ومالي، وموريتانيا، تجعلها تحاول البحث عن صفقة تضمن لها بعض الهدوء على الحدود الليبية.. ولا مشكلة في أن تكون هذه الصفقة على حساب الشعب الليبي أو وحدة أراضيه.


8- الخلاف مع مصر حول المسألة الليبية صنعته الجزائر بتقاربها مع الطرف الإخواني المتشدد والمتحالف مع الإرهاب في ليبيا. وما يستعصي على الفهم حقّا هو تغريد الجزائر خارج سرب مواجهة الإرهاب والتشدد التي تخوضها معظم دول المنطقة، على الرغم من كونها أوّل ضحايا الإرهاب بالإقليم.

9- العلاقات الجزائرية الليبية قبل الحرب في ليبيا لم تكن علاقات نموذجية أو مثالية لاختلافات جوهرية بشأن ملفات كثيرة، لكن المجاملات كانت تمنع الخلافات من أن تطفُوَ على السطح.


10- تقاعس الأمانة التنفيذية لقدرة إقليم شمال أفريقيا (اللواء الجاهز) ومقرّها الجزائر، عن تفعيل دورها الدفاعي لفائدة ليبيا الدولة المؤسسة أثناء تدخل الناتو عام 2011، مثّل نقطة سوداء في تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين خصوصا وأن ليبيا كانت تواجه عدوانا خارجيا موجبا لتفعيل الاتفاقيات المبرمة في إطار الاتحاد الأفريقي.

لكلّ ما ورد من نقاط.. أعتقد أن التّعويل على دور جزائري بنّاء في الأزمة الليبية أمرٌ لن يكون مجديا ولا مثمرا، خصوصا وأن هذا البلد المجاور مقبلٌ على تحوّلات سياسية تمسّ هرم السلطة ذاته، ويعاني أزمات داخلية اجتماعية وعرقية تجعله عرضة للضغوط التي من شأنها أن تؤثر على حياديته وقدرته على لعب دور إيجابي في المشهد الليبي الراهن. وللحديث بقية.

عن الكاتب

libdahlibya

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مقالات الدليل