ما يجري في فرنسا ، و ربما بعض أوروبا من بعدها، ليس واضحا بما يكفي للإحاطة به. فهو من الصعب الحكم عليه ، و من القصور النظر اليه بعين التشفي او التمني .. فرنسا و عموم أوروبا لا يمكن مقارنتها بالدول الأخرى .. هناك مؤسسات ، تستمد قوتها من ثقة الناس فيها. الفرنسيون في هبتهم يعولون على هذه المؤسسات ، و لا يسعون إلى تدميرها، كما جرى عندنا ...
ما يلفت أن بين مطالب الصفر إعادة العمل بنظام الإستفتاء في القانون الفرنسي الذي كان سائداً زمن ديغول. يسمح نظام الإستفتاء بمشاركة الناس في الحكم و غل يد السلطة . هذا المطلب تطبيقه في زمن التواصل السريع سوف يؤدي ليس إلى غل يد السلطة ، بل إلى شلّها تقريبا. إن الناس في زماننا هذا ،صار بوسعهم أن "يُستفتوا" حتى و هم في بيوتهم، دون الحاجة للذهاب إلى الطوابير المزدحمة، و لا يحتاج منهم ذلك من الوقت ، إلا ما يستغرقه النقر على مفاتيح الحواسيب ...
لا تنظروا إلى ما يجري في فرنسا ، و في اذهانكم ما جرى في البلاد العربية، و لا تتوقعوا انهيارها كما انهارت أي دولة "أنغرّ" نفر منها ببريق نظم الغرب و غوايته...
المؤكد أن العالم كله امام حقيقة فشل نظم الحكم ، و قد يظهر من بين الفسفوريين المنعوتين بالصفر ، نخبة تنويرية تُسهّل للناس كيف يبنون نظم جماهيرية تقوم على تمكينهم ، من الحكم ، و من الثروة.